لندن: كشفت صحيفة بريطانية اليوم الأحد أن مكتب جرائم "الإحتيالات الخطيرة" يحقق الآن فيما إذا كانت شركة الأسلحة البريطانية العملاقة "بى إيه إى سيستمز" استخدمت حسابات مصرفية سرية فى إمارة ليخنشتاين كملاذ آمن من الضرائب لدفع أموال إلى دبلوماسي سعودي سابق على علاقة بصفقة اليمامة التى ابرمتها بلاده مع المملكة المتحدة قبل 23 عاماً وبلغت قيمتها 43 مليار جنيه إسترليني.
وقالت صحيفة "صندى تايمز" إن المكتب أكد أن تحقيق الفساد المزعوم حول صفقات الأسلحة بين "بى إيه إي" والسعودية لايزال مغلقاً، لكنه أكد بأنه يتحرى وعلى نحو فعّال دفعات مالية على علاقة بعقود أسلحة بين الشركة البريطانية وست دول أخرى على الأقل, مشيرةً إلى أن متحدثا باسم المكتب رفض الكشف عن تفاصيل أى من الرسائل التى وجهها المكتب لسلطات "ليخنشتاين" لطلب المساعدة فى التحقيق الذى يجريه حول الأموال السرية التى دفعتها شركة الأسلحة لحسابات مصرفية فى الإمارة الصغيرة.
وتقع إمارة ليخشنشتاين في وسط أوروبا وتحديداً بين غرب النمسا وشرق سويسرا بجبال الألب ولا تطل على أي منفذ بحري، وتعرف بأنها جنة للضرائب ذات أقتصاد مميز حيث تستوفي أقل نسبة من الضرائب على المؤسسات, كما يظل الأجانب الذين يودعون أموالهم فيها يبقون بعيداً عن الأنظار, حيث يتم نقل الأموال عن طريق مؤسسات يديرها وكلاء وبهذه الطريقة يصعب معرفة المالكين الفعليين لتلك المؤسسات، ولا يضطرون بالتالي لدفع الضرائب عن أموالهم المودعة هناك.
وأوضحت الصحيفة أن رسائل مكتب جرائم الإحتيالات الخطيرة إلى المدعى العام الأول بليخنشتاين "تطلب معلومات عن أموال طائلة دفعتها "بى إيه إي" إلى شخصيات بارزة زعمت مصادر بأن من بينها السفير السعودى السابق لدى واشنطن مع أن المكتب امتنع عن التعليق على ذلك".
واضافت أن السفير السعودي قال إنه حصل على مليار جنيه إسترلينى من شركة "بى إيه إي" على علاقة بصفقة الأسلحة السعودية، الأمر الذى نفاه بشدة الأمير السعودى وعلى نحو متكرر ، مؤكداً أنه لم يرتكب أى مخالفات بشأن الدفعات المالية، واعتبر المزاعم المثارة حولها سخيفة وعلى نحو مضحك".
واشارت "صندى تايمز" إلى أن الاقتراحات التى ترى أن اعتقاد مكتب جرائم الإحتيالات الخطيرة بأن مزاعم دفع "بى إيه إي" أموال عبر حسابات مصرفية سرية فى ليخنشتاين يعكس القلق المتزايد لدى السلطات البريطانية من استخدام الإمارة الصغيرة للتهرب من الضرائب وتنظيف الأموال من قبل أفراد أثرياء.
وقالت إن تحقيق ليخنشتاين برز بعد الحكم الذى اصدرته المحكمة العليا فى لندن وأبطل قرار مكتب جرائم الإحتيالات الخطيرة وقف تحقيق الفساد حول صفقات الأسلحة السعودية واعتبره غير قانوني، ووجد أن رئيس الوزراء البريطانى السابق طونى بلير ومدير موظفيه وقتها جوناثن باول سمحا للأمير بندر بحرف سير العدالة بعد أن هدد بوقف تعاون بلاده مع بريطانيا فى المجالات الدبلوماسية والأمنية والإقتصادية فى حال استمر التحقيق.
واضافت الصحيفة أن السفير السعودي السابق "اكتشف مؤخراً أن مكتب جرائم الإحتيالات الخطيرة حصل على مداخل إلى سلسلة من الحسابات المصرفية فى سويسرا زُعم بأن أموال الرشى مرت عبرها", وكان مكتب جرائم الإحتيالات الخطيرة الرسمى فتح عام 2004 تحقيقاً حول صفقة اليمامة التسلحية التى ابرمتها "بى إيه إي" مع السعودية عام 1985 عاماً بعد اتهام شركة الأسلحة البريطانية بدفع رشاوى لمسؤولين سعوديين لتأمين حصولها على عقود من الرياض، لكن الحكومة البريطانية التى كان يرأسها بلير قررت وقفت التحقيق فى ديسمبر/كانون الأول 2006 لأسباب عزتها إلى حماية الأمن القومى البريطاني.