أنتِ صديقتي ( قصة قصيرة )
- فلتبتعدي إذًا .
لم يفكر من قبل في قولها ولكنها من أجبره على النطق بها
أنتِ صديقتي
هل كان حقًا أحمقًا عندما نطق بها ؟ هل كان يعلم أنها ستغضب .. ستترك له الحياة فارغة من كل شيء .. أجل هي صديقته ولكنها أيضًا كانت أقرب الناس منه
إنه يشعر بالتيه الآن وقد غادرت مدنه بعد أن أعلنت الرحيل
إنه يتألم .. ولكن ماذا كان سيقدم لها غير الصداقة ؟
لقد امتلأ بالخسائر بعد علاقات مر بها وحاول فيها أن يعيش دور العاشق حاول فيها أن يكتب شعرًا لامرأة ما .. أي امرأة
لم يكن يريد أن يعكر عليه هذا الشعور بالنبذ حياته
وقد اجتمعت العوامل كلها من أجل زرع هذا الشعور بداخله فلا وسامة يمتلك ولا مالا , فقط بعض العقل , وحجرة صغيرة سقفها من الخشب .
لم ينجح في الحُب .. وفشل فشلاً ذريعًا .. أصبح يخاف تكرار التجربة مرة أخرى .. أصبح يتجنب البقاء حيثُ تواجد النساء كي لا تلفت انتباهه امرأة أخرى فيقع فيه مرةً أخرى ويضيع
إن نفسه مليئة بالثقوب .. و ذاته مهترئة
ولم يجرؤ على أن يُزيد جراحه المائة بجرح آخر قد يقضي على ذات أحلامه قضاءً تامًا ويحيل أطلاله إلى رماد فيضيع أثره .
صداقته فقط .. هي ما كان يستطيع أن يُقدم لها ولغيرها
صداقته فقط لا أي شيء آخر .. هي لم تعلم ذلك .. و لقد حاول فقط أن يدربها على تقبل الأمر .. فلم ير منها إلا التلويح بالبعد قبل الرحيل
- سأكون بجانبك .. وإن لم ترنِ .. هكذا قالت له قبل أن تتركه
- حسنًا يا صديقتي .. سأشعر بكِ .. وسأراكِ فأنا في أرضك كالأعمى شديد البصيرة لا يرى الأشياء ولكنه يشعرها
تمتصها يداه وترسم ملامحها .. ويُبلِغه مداها قلبه فيراها
قالها لنفسه قبلها وهو يحاول أن يتظاهر بالتماسك .. رغم أنه ينهار
يحاول أن يظل شامخًا كعادته يبدو كالجبل .. ولكن حقيقته لا يعرفها كثيرون .. إنه مجوف من الداخل .
هل كان الواجب عليه أن يقنعها بالحُب ؟
هل كان الواجب عليه أن يبهرج لها الحقيقة بألوانٍ كثيرة
ومساحيق بيضاء وحمراء وصفراء .. كي تبدو جميلة أكثر
هل كان الواجب عليه أن يكون كهؤلاء الذين يلعبون بالمشاعر ويصعدون
على أحلام من حولهم كي يحققون ذواتهم الحقيرة
هل كان الواجب أن يكذب ؟ كي يُحافظ عليها لفترة أطول ؟
دوامة من الأسئلة دقت رأسه بمعول من ندم
ولكنه و في قرارة نفسه كانت تكتنفه الثقة بأنه لم يُخطئ حين قال لها
- أنتِ صديقتي
لقد كان يُحافظ عليها من عشق قد يودي بحياتها فيما بعد
فالحب لا يعيش لو لم تتوافر الظروف المُلائمة
الحب لا يعيش إذا كان من نفس واحدة .. تمنح فقط
لقد خاف عليها من أن تمنح فقط , خاف أن يُصبح مُستغلاً لضعفها
كل ما كان يُريده هي قطرة من الحنان
وحدها من كانت تمنحها إليه .. لم يكن يرغب في أكثر من أن يستمع لها وأن تستمع له كما كانت دائمًا تُصغي لشكواه لحديثه عن أحلامه ومشاريعه المُستقبلية ويُصغي إلى كلماتها بإنصاتٍ شديد
و يكتفي بتأمل النقاء المُنساب من بين شفتيها كلامًا يجعله في حالة من النشوة دائمًا لوجود مثلها في الحياة .
يمر الوقت .. يُباغت النفس .. ينظر إلى هاتفه
هل تُراها ستتصل ؟ هل ستعود ؟
هل وهل وهل ويستمر تساقط السؤال على نفسه المُتعبة
ليعاود مُمارسة الندم مرة أخرى .
مر من الوقت الكثير قبل أن يدق جرس الباب .. ذهب إليه و فوق وجهه قسمات تدل على اللااكتراث وكأنه ميت استيقظ للتو من موتٍ عميق فتح الباب و عينه لم تُفارق الأرض بعد .
- أحمد
سمع نبرة الصوت فنظر سريعًا إلى مصدره
وجدها أمامه .. لم يعرف ماذا يقول أو ماذا يفعل بعد أن اجتمعت جميع مشاعره في نفس اللحظة بداخله فلم يعرف هل يبكى أم يضحك أم ماذا ؟
ولكن الرغبة في الصراخ ( افتقدتك كثيرًا ) هي التي كانت تتملكه حينها
- آسفة يا أحمد لقد فكرت في كلامك جيدًا وعرفت أنك تُحب صالحي
سامحني لقد غادرتك دون ذنب منك .. سامحني يا صديقي
- نحن لا نحقق كل الأحلام يا صديقتي .. سامحيني أنتِ إن كنت قاسيًا بعض الشيء و لكنني لم أرغب في أن تقومي ببناء قصور حلمك حيثُ رمالي .. فهي لا تعرف الثبات .
ابتسما طويلاً وقد كان كلا منهما يحدق في ملامح الآخر بلهفة
قبل أن تقنعه بالخروج من سجنه المؤقت والذهاب بها إلى مكان تحبه .