غالباً ما تقع في مشكله انت تكون حكماً بين طرفين ولأن العلم عند الله يكون الحكم في منتهى الصعوبه
فقد قال الله عز وجل عن نبيه سليمان
وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان ، وكلا آتينا حكماً وعلما "
هذه قضيه
طرحت على نبي الله داود صلوات الله وسلامه عليه ، ذكر أهل العلم كشريح وغيره ، ذكروا أن رجلين جاءا لنبي الله داود صلوات الله وسلامه عليه
فقال أحدهما له : إن غنم هذا دخلت إلى حقلي وأفسدت زرعي ، فالتفت إليه داود ، قال : ما تقول : هو كما قال ،
وانظروا
إلى قول الله تعالى " إذ نفشت فيه غنم القوم "
قال : نفشت ولم يقل عاثت فسادا ، ولم يقل دخلت ، وإنما قال نفشت ، هذا معناه في لغة العرب أنها دخلت ليلا ،
والإنسان مسؤول عن إبله وغنمه ودوابه بشكل عام ، مسئول عنها ليلا وغير مسئول عنها نهاراً ، يعني في النهار كان يجب على صاحب المزرعة أن يحمي مزرعته ، لأن هذه دواب بهائم ويتركها ترعى فترعى في النهار وكل إنسان يحمي ماله منها ،
ليس معقول أيضا أن يكلف خلف كل بعير وخلف كل بقرة أو خلف كل شاة أن يكلف خلفه من يقوده ، فهي تترك ترعى ثم ترجع فعلى صاحب المزرعة أن يحمي مزرعته في النهار ، من هذه الدواب ، وعلى صاحب الدواب ، صاحب هذه الأنعام أن يمنعها من الخروج ليلا
فهذا تركها خرجت ليلا فأفسدت حقل صاحبه ،
ولذلك كان التعبير القرآني " إذ نفشت " أي خرجت ليلاً ،
فقال له نبي الله داود : ماتقول ؟ قال : هو كما قال ، نعم هي خرجت ليلاً وأفسدت زرعه ،
فسأل نبي الله داود عن قيمة هذا الزرع كم ، فذكر له مبلغ ولنفرض أنه أربعون ألفاً ، فنظر في الغنم كم قيمتها ؟ فإذا قيمة الغنم كقيمة ما أفسدت ، يعني كانت قيمتها أربعين ألفاً
فقال خذ غنمه مكان ما أفسد من الزرع ، هذا حكم داود ، وهو صواب لأنها أفسدت هذه الغنم ، وهو يتحمل ما أفسد ، يدفع له ما أفسد وهو أربعون ألفاً إذا كانت الغنم تعدل هذا المبلغ يأخذ الغنم وانتهى الأمر ، وحكمه صحيح ، فلما حكم سكت الرجلان قبلا بهذا الحكم ، وكان ملكاً ن كذلك قاضياً ،
هنا تدخل سليمان ، وقال يا أبت تسمح لي أن أحكم ؟ قال : نعم احكم ، قال : يأخذ صاحب المزرعة غنم هذا الرجل فيستفيد منها في الفترة التي يقوم صاحب الغنم بإصلاح المزرعة كما كانت ،
يعني صاحب الغنم يصلح المزرعة ، وخلال فترة إصلاحه المزرعة حتى لا يتباطأ في إصلاحها ولا يتماهل يأخذ صاحب المزرعة الغنم فيستفيد من لبنها خلال هذه الفترة ، ثم بعد ذلك يعيد له المزرعة كما كانت ويعيد له الغنم كما كانت فيتحمل هذا ما أفسدت الغنم في العمل على إصلاح هذه المزرعة ويستفيد صاحب المزرعة الفترة التي أفسدت فيه مزرعته يستفيد من لبن الأغنام ففرح داود بهذا الحكم ،
فحكم داود صحيح وحكم سليمان أصح ،
لذلك قال الله تعالى " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت ـ أي في الحرث ـ غنم القوم " قال الله جل وعلا " وكنا لحكمهم شاهدين " أي ماغاب عنا حكم سليمان ولاغاب عنا حكم داود ، قال الله جل وعلا " ففهمناها سليمان " أي فهمنا سليمان الحكم الأصح في هذه المسألة ، ثم حتى لا يعيب أحد على داود حكمه قال جل وعلا " وكلا آتينا حكماً وعلما " داود لما حكم حكم حكماً صحيحاً ولا يستطيع أحد أبداً أن يرد عليه هذا الحكم ، ولكنه سبحانه وتعالى جعل حكم سليمان أصح من حكم داود صلوات الله وسلامه عليهما
أيضاً كانت هناك امرأتان تختصمان على رضيع كل امرأه تقول انه ابنها فكانت الأولى اشد حجه وافصح لساناً من الأخرى فحكم نبي الله داوود عليه السلام لها بأن الرضيع ابنها ولكن ابنه سليمان عليه السلام لاحظ انها تضحك وهي خارجه فأعاد سؤالهما فقالت كل واحده حجتها فأمر بمنشار فجاءه فقال سأشق الطفل نصفين واقسمه بينهما فقالت الأولى موافقه وصرخت الأخرى دعه لها فعرف نبي الله سليمان عليه السلام ان الإبن للمرأه الثانيه فأعطاها اياه
وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض؛ فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار متفق عليه.
وقال الإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ان الفرق بين الشك واليقين كهذه المسافه ووضع اصبع امام عينه والآخر أمام أذنه يعني ان الشك ما سمعته واليقين ما رأيته
فعلينا جميعاً بتحري الموضوع بدقه شديده اذا كنا شهداء وان لم نستطع فالأفضل ترك الموضوع لأننا لن نكون افضل من الأنبياء
فقد قال المولى عز وجل
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ)
سورة النساء (135)
هذا وان كان من توفيق فمن الله وان كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
وأعوذ بالله أن أذكر به وأنسي
وأعوذ به أن أكون جسراً تعبرون به الى الجنه ثم يلقى به في النار
وجزاكم الله خيراً
وعذراً على الإطاله