مَنْ المستفيد في أزمة مصر والجزائر؟! بقلم: محمد سعيدتابعت التغطية الإعلامية للتليفزيون الرسمي المصري الأرضي والفضائي، وكذلك القنوات الفضائية الخاصة والقنوات الإخبارية العربية والأجنبية، عقب هزيمة المنتخب المصري أمام شقيقه الجزائري في المباراة الفاصلة المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010م، فضلاً عما نشرته الصحف الحكومية والخاصة.. محاولاً الوصول إلى نتائج واستدلالات على الأزمة الحاصلة بين مصر والجزائر.
وقبل الخوض في الرؤى والتصورات حول الأزمة الكروية ذات العمق السياسي- حسب رأيي- أجد أن الشعور الشعبي تجاه ما تعرَّضت له الجماهير المصرية في العاصمة السودانية الخرطوم الأربعاء الماضي من الجماهير الجزائرية قبل وبعد المباراة الفاصلة؛ شعور صادق عن إهانات تكررت في حق المصريين في أقطار عربية عديدة.. وهو إلى متى يواجه العديد من المواطنين المصريين في دول عربية أخرى، زكّاه التعامل الرسمي الفاشل؛ في فرض سياسة فاشلة على المستوى الخارجي وخاصة العربية منه.
أولى تلك التصورات: أن الزفة الإعلامية التي صاحبت الخروج من نهائيات كأس العالم؛ محاولة من النظام الحاكم لإلهاء الشعب "المسكين" المقدم على عيد الأضحى، وتحور فيروس إنفلونزا الخنازير، وأزمات تعليمية واجتماعية وسياسية؛ قد تعصف به وبوزارة حكومة نظيف لرجال الأعمال، ولا يهم في ذلك توتر العلاقات السياسية؛ لأن النظام أيقن أنه خسر محيطه العربي، ولا يقبل أن يخسر البقية الباقية في الداخل المصري.
التصور الثاني: من اللافت للنظر أن التصريحات والانفعالات التي ساقتها وسائل الإعلام سواء الرسمية، أو الخاصة- بنكهة رسمية- كانت لفنانين (ممثلين ومطربين) عبرت عنه قريحتهم (المتورمة) في البرامج الحوارية والـ"توك شو"، أو في الحفل الختامي لمهرجان القاهرة السينمائي، والذي تمَّ فيه استبعاد الجزائر من المشاركة الشرفية، أو قيام فنانين برفض جوائز مهرجان وهران الفني، وقيام مؤلفين وشعراء بكتابة أشعار تتحدث عن حجم مصر وقدرتها على تجاوز الصعاب، وفي الوقت نفسه استبعدت فيه العقليات السياسية الحكيمة من الحديث في تلك الأزمة، وكأن كرة القدم هي التي تحدد معالم السياسة الخارجية.
التصور الثالث: أعتقد أن النظام المصري حاول استغلال مباراتي مصر والجزائر في المرحلة الأخيرة والأخرى الفاصلة لكأس العالم؛ لكسب التعاطف الشعبي مع النظام، واستكمالاً لمسلسل المشاركة الرئاسية في المتاعب الشعبية الكروية، وهو ما استتبعه في الحلقات المتتالية لما بعد الهزيمة الكروية من الجزائر وباتصالاته الهاتفية لبرنامجي "الرياضة اليوم" الخميس الماضي على قناة (دريم)، و"البيت بيتك" الجمعة، ومحاولته المستميتة لاستعطاف الشعب المصري، وإلهاب مشاعره ضد الشعب والقيادة الجزائرية.
التصور الرابع: يرى البعض أن تلك الغضبة المصرية مسألة وقت، وأن من قام بتأجيجها هو النظام، ورجال الأعمال أعضاء الحزب الحاكم؛ وخاصة أحمد عز (فتى النظام المدلل)، الذين رأوا أن مظاهر التشجيع الهمجية للجماهير الجزائرية التي تعوّد عليها العالم؛ مست كرامة وشخص هؤلاء المحتكرين، الذين ثاروا وحرّضوا التليفزيون الرسمي والقنوات الخاصة التي تأتمر بإشارة منهم، وخاصة أن أصحاب القنوات الفضائية الخاصة: "السيد البدوي الوفدي الثري- وأحمد بهجت الاقتصادي المتعثر- وحسن راتب القيادي بالحزب الحاكم" لهم مصالح ترتبط بشكل أو بآخر بالنخبة الحاكمة.
ومع تلك التصورات- سواء إن كان جانبها الصواب أم لا- كان هناك بالتأكيد مستفيدون وخاسرون، وآخرون وقفوا على الحياد؛ حتى لا تمسهم ألسنة لهب الأزمة، ويأتي في المقدمة الفنانون والمطربون الذين تمَّ تلميعهم بشكل كبير، وتصويرهم على أنهم أبطال العروبة والوطنية، وكذلك دعاة الفرقة بوصفهم الأشقاء الجزائريين بمجموعة من "الأمازيغ- البربر" الحاقدين؛ وهو الأمر المستغرب على طول العلاقة المصرية الجزائرية الحميمة، وهو ما عبّر عنه الرئيس مبارك بوصفه نظيره الجزائري بوتفليقة بـ"رفيق السلاح".
وبغض النظر عن محاولات التهييج والتجييش الحكومي المصري ضد الشقيقة الصغرى الجزائر، يبقي سؤالاً واحدًا.. كيف يمكن أن تنتهي تلك الأزمة من وجهة النظر الحكومية المصرية والجزائرية، والشعبية والعربية؟!
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول