في رؤيا النار وأدواتها من الزند والحطب والفحم والتنور والكانون والسراج والشمع والقنديل وما اتصل بذل
فمن رأى نارا وقعت من السماء في الدور والمحلات ، فإن كانت لها ألسنة ودخان فهي فتنة وسبف يحل في ذلك المكان ، سيما إن كانت في دور الأغنياء والفقراء ، ومغرم يرميه السلطان على الناس ، سيما إن كانت في دور الأغنياء خاصة ، فإن كانت جمرا بلا ألسنة ، فهي أمراض وجدري أو وباء ، سيما إن كانت عامة على خلط الناس .
وأما إن كان نزول النار في الأنادر والفدادين وأماكن الزراعة والنبات ، فإنها جدب يحرق النبات أو جراد يحرقه ويلحقه.
وأما من أوقد نارا على طريق مسلوك ، أو ليهتدي الناس بها إن وجدها عند حاجته إليها ، فإنها علم وهدى يناله ، أو يبثه وينشره إن كان لذلك أهلا ، وإلا نال سلطانا وصحبة ومنفعة وينفع الناس معه .
وإن كانت النار على غير الطريق ، أو كانت تحرق من مر بها أو ترميه بشررها أو تؤذيه بدخانها ، أو حرقت ثوبه أو جسمه أو ضرت بصره ، فإنها بدعة يحدثها أو يشرف عليها ، أو سلطان جائر يلوذ به أو يجور عليه قدر خدمته لها أو فراره منها .
وأما إن كانت نارا عظيمة لا تشبه نار الدنيا ، قد أوقدت له ليرمى بفيها ، كثر أعداؤه وأرادوا كيده فيظفر بهم ويعلو عليهم ، ولو ألقوه فيها لنجا ، لنجاة إبراهيم عليه السلام . وكل ذلك إذا كان الذين يفعلوا به أعداءه ، أو كان المفعول به رجلا صالحا . وأما إن رآها تهدده خاصة ، أو كان الذين تولوا إيقادها يتوعدونه ، فليتق الله ربه ولينزع عما هو عليه من أعمال أهل النار من قبل أن يصير إليها ، فقد زجر عنها إذ خوف بها .
وأما من رأى النار عنده في تنور أو فرن أو كانون أو نحو ذلك من الأماكن التي يوقد فيها ، فإنها غنى ومنفعة تناله ، سيما إن كانت معيشته من أجل النار ، وسيما إن كان ذلك أيضا في الشتاء . وإن رأى ناره خمدت أو طفئت أو صارت رمادا أو أطفأها ماء أو مطر ، فإنه يفتقر ويتعطل عن عمله وصناعته . وإن أوقدها من لا يتعيش منها في مثل هذه الأماكن ليصلح بها طعاما ، طلب مالا أو رزقا بخدمة سلطان أو بجاهه ومعونته ، أو بخصومة أو وكالة أو منازعة وسمسرة ، وإلا هاج كلاما وشرا وكلام سوء .
وأما من رآها أضرمت في طعام أو زيت أو في شيء من المبيعات ، فإنه يغلو ، ولعل السلطان يطلبه فيأخذ الناس فيه أمواله .
وأما من أكل النار ، فإنه مال حرام ورزق خبيث يأكله ، ولعله أن يكون من أموال اليتامى ، لما في القرآن ، فإن رأى النار تتكلم في جرة أو قربة أو وعاء من سائر الأوعية الدالة على الذكور والإناث ، أصاب المنسوب إلى ذلك الوعاء صرع من الجن ومداخلة ، حتى ينطق لسانه . وقال بعضهم : النار حرب إذا كان لها لهب وصوت ، فإن لم يكن الموضع الذي رؤيت فيه أرض حرب ، فإنها طاعون وبرسام وجدري ، أو موت يقع هناك .
قال أبو عمر النخعي لرسول الله ،صلى الله عليه وسلم ، : رأيت نارا خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي ، ورأيتها تقول : لظى ،لظى بصير وأعمى ، أطعموني أكلكم كلكم أهلكم ومالكم ، فقال ،صلى الله عليه وسلم ، ( تلك فتنة تكون في آخر الزمان تقتل الناس أمامهم ، ثم يشتجرون اشتجار أطباق ـ وخالف بين أصابعه ـ ويحسب المسيء أنه محسن ، ودم المؤمنين عند المؤمنين أحل من شرب الماء ) .
ومن أجج نارا ليصطلي بها ، هاج أمرا يسد به فقره .
وقد سئل ابن سيرين عن رجل رأى على إبهامه سراجا فقال : هذا الرجل يعمى ويقوده بعض ولده .
فإن أججها ليشوي بها لحما ، أنار أمرا فيه غيبة الناس . فإن أصاب من الشواء أصاب رزقا قليلا مع حزن . فإن أججها ليطبخ بها قدرا فيها طعام ، أثار أمرا يصيب يه منفعة من قيم بيته . فإن لم يكن في القدر طعام ، هاج رجلا بكلام وحمله على أمر مكروه . وما أصابت النار فأحرقت من بدن أو ثوب ، فهو ضرر ومصائب. ومن قبس نارا أصاب مالا حراما من سلطان ،ومن أصاب وهج النار اغتابه الناس .
والكي بالنار : لذعة من كلام سوء . والشرارة : كلمة سوء . ومن تناثر عليه الشرر ، سمع من الكلام ما يكرهه ، ومن رأى بيده شعلة من نار أصاب سعة من السلطان . فأن أشعلها في الناس أوقع بينهم العداوة وأصابهم بضر ، فإن رأى تاجر نارا وقعت في سوقه أو حانوته ، كان ذلك نفاق تجارته ، إلا أن يتناوله من ذلك حرام . والعامة تقول في مثل هذا وقعت النار في الشيق ، إذ نفق.
والرماد : كلام باطل لا ينتفع به . ومن أوقد نارا على باب سلطان ، فإنه ينال ملكا وقوة . فإن رأى نارا عالية ساطعة لها ضوء كبير ينتفع بها الناس ، فإنه رجل سلطاني نفاع . فإن رأى أنه قاعد مع قوم حول نار يأمن غوائلها ، كان ذلك نعمة وبركة وقوة ، لقوله تعالى( أن بورك من في النار ومن حولها ) ــ النمل : 8 . وإن رأى نارا أخرجت من داره ، نال ولاية أو تجارة أو قوة في حرفة . فإن رأى نارا سقطت من رأسه أو خرجت من يده ولها نور وشعاع وكانت امرأته حبلى ،ولدت غلاما ، ويكون له نبأ عظيم . فإن رأى شعلة نار على باب داره ولم يكن لها دخان ، فإنه يحج . فإن رآها وسط داره ،فإنه يعرس في تلك الدار . فإن آنس نارا في ليلة مظلمة ، نال قوة وظفرا وسرورا ونعمة وسلطانه ، لقصة موسى عليه السلام .
ومن رأى في تنوره نارا موقدة ، حملت امرأته إن كان متأهلا . فإن رأى نارا نزلت من السماء فأحرقته ولم يؤثر فيه الحرق ، نزل داره الجند . فإن رأى نارا خرجت من إصبعه ، فإنه كاتب ظالم ، فإن خرجت من فمه فإنه غماز . فإن خرجت من كفه فإنه صانع ظالم .
ومن أوقد نارا في خراب ودعا الناس إليها ، فإنه يدعوهم إلى الضلالة والبدعة ، ويجيبه من أصابته . ومن رأى داره احترقت خربت داره وشيكا .
وأتى ابن سيرين رجلا فقال : رأيت كأني أصلي خفي بالنار ، فوقعت إحداهما في النار فاحترقت ، وأصابت النار أخرى سفعا . فقال ابن سيرين : إن لك بأرض فارس ماشية قد أغير عليها وذهب نصفها ، وأصيب من النصف الآخر شيء قليل . فكان كذلك .
ومن رأى كأنه في نار لا يجد لها حرا ، فإنه ينال صدقا وملكا وظفرا على أعدائه ، لقصة إبراهيم عليه السلام . ومن رأى نارا ولهيبا أو شررا طفى ، فإنه يسكن الشغب والفتنة والشحناء في الموضع الذي طفئت فيه . ومن رأى نارا توقد في داره يستضيء بها أهلها طفئت ، فإن قيم الدار يموت ، فإن كان ذلك في بلد فهو موت رئيسه العالم ، فإن انطفأت في بستانه فهو موته أو موت عياله . فإن انطفأت وفي بيته ريح فأضاءت بها ، دخل بيته اللصوص . فإن رأى أنه أوقد نارا وكان ي اليقظة في حرب ، فإن أطفئت قهر ، وإن كان تاجرا لم يربح .
والدخان : هول وعذاب من الله تعالى وعقوبة من السلطان . فمن رأى دخانا يخرج من حانوته فإنه يقع فيه خير وخصب بعد هول وفضيحة ، ويكون ذلك من قبل السلطان . فإن كان دخان تحت قدر فيها لحم نضيج ، فإنه خير وخصب وفرج بعد هول يناله . ومن رأى الدخان قد أضله ، فهو حمى تأخذه . ومن أصابه حر الدخان ، فهم غم وهم .
والحطب : نميمة ، وإيقاده بالنار سعاية إلى السلطان .
والفحم : من الشجر رجل خطير ، وقيل : هو مال حرام ، وقيل : هو رزق من السلطان . والفحم الذي لا ينتفع به بمنزله الرماد باطل من الأمر ، فإن كان فحما ينتفع به في وقود ، فهو عدة الرجل في العمل الذي يدخل فيه الفحم ، لأن فيه من المنافع .
رأى سيف بن ذي يزن كأن نارا هوت من السماء إلى أرض عدن ، وسقط في كل دار من دورها جمرة انطفأت وصارت فحمه . فقصها على معبري مملكته فقالوا : إن الحبشة تستولي على بلدك . فكان كذلك .
وقيل : إن الرماد حرام ، وقيل : هو رزق من قبل سلطان . فمن رأى الرماد فإنه يتعب في أمر السلطان ، ولا يحصل له إلا العناء ، وقيل : هو علم لا ينفع . ومن رأى أنه يسجر تنورا ، فإنه ينال ربحا في ماله ومنفعة في نفسه . فإن رأى في دار الملك تنورا ، فإن كان للملك أمر مشكل استنار واهتدى ، وإن كان له أعداء ظفر بهم . فإن رأى أنه يبني تنورا وكان للولاية أهلا ، نال ولاية وسلطانا ، وينجو من عدوه إن كان له عدو . ومن أصاب تنورا بغير رماد ، تزوج امرأة لا خير فيها .
والكانون : من الحديد امرأة من أهل بيت ذي بأس وقوة ، وإذا كان من صفر فمن أهل بيت أمتعة الدنيا وزينتها ، وإن كان من خشب ، فمن بيت قوم فيهم نفاق ، وإن كان من جص ، فمن أهل بيت مشبهين بالفراعنة ، وإذا كان من طين ، فمن أهل بيت الدين . وإذا كان فيه النار دل على الدولة . وإذا كان خاليا من النار دل على العطلة .
والمنارة : خادم ، فما رؤي من حديث في ترسها أو عمودها أو كرسيها ، فإن تأويلها في الخام والترس أشرف قطاعها ، تأويله رأس الخدم .
والسراج في البيت للعازب امرأة يتزوجها ، وللمريض دليل العافية . وإذا كان وقوده غير مضيء ، فإنه يدل على غم . والسرج كلها تدل على ظهور الأشياء الخفية .
والفتيلة : قهرمانة تخدم الناس ، فإن رأى أنها احترقت كلها ، فإن القهرمانة تموت ، فإن وقعت منها شرارة في قطن واحترق ، فإنها تخطئ خطأ وتزل زلة .
والشمعة : سلطان أو ولد رفيع خطير سخي منفق ، ونقرة الشمع مال حلال يصل إليه صاحبه بعد مشقة ، لمكان تذويبه حتى يستخرج من العسل .
والقنديل : ولد له بهاء ورفعة وذكر وصوت ومنفعة ، إذا أسرج في وقته كان مسرجا ، فإنه قيم بيت أو عالم . والقناديل في المساجد العلماء وأصحاب الورع والقرآن . قال أبو عيينة : رأيت قناديل المسجد قد طفئت فمات مسعر بن كدام .
وقدح النار : تفتيش عن أمر حتى يتضح له ، فمن رأى كأنه قدح نارا ليصطلي بها ، استعان رجلا قاسي القلب له سلطنة ، ورجلا قويا ذا بأس على شدة فقر وانتفاع به ، فإنهما إذا اجتمعا يؤسسان أساس ولايات السلطان ، ويدلان عليها . لأن الحجر رجل قاس . والحديد رجل ذو بأس ، والنار سلطان .
والمرأة إذا رأت أنها قدحت نارا فانقدحت وأضاءت بنفحتها ، ولدت غلاما ، ومن رأى أنه قرع حجرا على حجر ، فانقدحت منهما نار ، فإن رجلين قاسيين يتقاتلان قتالا شديدا ويبطش بهما في قتالهما ، لأن الشرارة بالسيوف ، وقال بعضهم : الزناد قدحه يدل على نكاح الأعزب ، فإن علقت النار فإن الزوجة تحبل ويخرج الولد بين الزوجين ، وربما دل على الشر بينهما أو بين خصمين أو شريكين ، والشرر كلام الشر بينهما ، فإن أحرقت ثوبا أو جسما ، كان ذلك الشر يجري ما في مال أو عرض أو جسم . وإن أحرقت مصحفا أو بصرا ، كان ذلك قدحا في الدين .
والمسرجة : قيم البيت لقيامه بصلاحهم ، وربما دلت على زوجته ، والسراج على زوجها، وربما كان المصباح زوجة والفتيلة زوجها ، وربما كان ولدها الخارج من بطنها ، وربما دل السراج على كل من يهتدي به ويستضاء بنوره من عين وغيرها ، فمن رأى سراجا أطفئ ، مات من يدل عليه المرض ، من عالم أو قيم أو ولد ، أو يعمى بصر صاحبه ، أو يصاب في دينه على قدره وزيادة منافعه . فإن رأى في بيته سراجا مضيئا ،كانت امرأته أو ولده حسن الذكر .