السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قطعت مراسلة الشاب والذي هو من المغرب العربي.
لكنني لم أستطع نسيانه، إنه محترم جدا وطيب، وقد طلبني للزواج وهو أصغر مني بعامين، ويعلم أنه سبق لي الزواج، ستقولون لي أن زواج النت لن يعود لي بخير بل بمشاكل لا حصر لها.
ولكن سؤالي لحضرتكم: والزواج الذي يُمنع فيه النظرة الشرعية فقط لا أعرف زوجي إلا ليلة الدخلة، والمهم هو النسب ليس المهم الدين والخلق مثلما حدث مع طليقي، فلقد كان لا يصلي، وكان فيه الحقد والحسد، والنميمة من صفاته.
أليس من حقي أن أتعرف إلى من يريدني زوجته وهو يريد الحلال وليس التلاعب بي؟ لقد مرض خلال الأسبوع الذي تركت مراسلته، وينتظرني كي نتناقش، فوضعه المادي صعب ولا يساعده على الزواج، أنا لا يهمني المال، لكن يهمني الرجل الصالح، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الاستخارة كي أسأل الله أن ييسر زواجي منه، وأن ألحّ في الدعاء إلى الله؟
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن شريعة الله لا تمنعك من التعرف على شريك المستقبل شريطة أن يأتي البيوت من أبوابها، وهل شرع الإسلام الخطبة إلا من أجل التعرف على دين الخاطب وأخلاقه وأحوال أسرته، وتتجلى عظمة هذا الدين في أنه يوسع دائرة التعرف على الخاطب فُيدخل محارمكم من الرجال، وهم أعلم بالرجال، ويدعو الجميع إلى التعارف؛ لأن العلاقة الزوجية عميقة، وصلتها وثيقة بأهل الفتاة والفتى، بل إن العاقل يتعرف على حياة الفتاة من خلال معرفته بأسرتها، والعقلاء يتعرفون على الفتى من خلال أسرته وأصدقائه وزملائه، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، والهدف منها البحث عن أسباب الوفاق ومرجحات التلاقي من خلال النظرة الشرعية وما يحدث بعدها من ارتياح، ومن خلال التعرف على أسرة كل من الشريكين.
ونحن نشكرك على قطع العلاقة، وندعو الشاب إلى المجيء إلى أهلك إن كانت له رغبة، وقد أحسنت بقولك المال ليس مهما إذا وجد صاحب الدين والأخلاق، والله سبحانه عون لمن يطلب العفاف ويرغب في الزواج، كيف وقد قال سبحانه: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} وكان السلف يلتمسون الغنى في النكاح يتأولون كلام الكريم الفتاح.
وأرجو أن يعلم الجميع أن المسألة تحتاج إلى تضحيات، وأنه لم ير للمتحابين مثل النكاح.
ولا يخفى عليك إن الإسلام يريد للعلاقة أن تكون رسمية ومعلنة وفي ذلك مصلحة للفتاة وللشاب، وأرجو أن يزداد تعلقه بك بحرصك على ما يرضي ربه وربك سبحانه، وهذا باب للخير يغفل عنه كثير من الناس، ولا شك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وأما قولك: أليس من حقي التعرف على من أريد الزواج منه، فالجواب :بلى، إن هذا من حقك، ولذلك شرعت الخطبة والرؤية كما أسلفنا، ولكن يبقى السؤال: هل النت طريقة آمنة لهذه المعرفة، هذا هو محور النقاش، فمن واقع التجربة، ومن كثرة الحالات التي تردنا من المجربات قبلك، وجدنا أن هذا طريق محفوف بالمخاطر، وغالب هذه الحالات لا تنتهي بالزواج، وإنما إلى حالات الفراق والتي قد يرافقها تعلق وحب قد يجر إلى نتائج غير سوية، والمقصود أن تعلمي أختنا الكريمة، أن الاسترسال في التعارف وكلمة تجر كلمة أخرى، ينشئ نوعا من التعلق، أو ما يسمى بالحب، فإن نجحت هذه العلاقة وانتهت بالزواج، فإن العلاقة نفسها (طريقة التعارف والوصول بها إلى التعلق أو الحب طريقة خاطئة) فكيف إذا لم تنته هذه العلاقة بالزواج، لا شك أن الأمر سيكون أفدح، وهأنت ترين بعينيك كيف بدأت آثار هذه العلاقة عليكما الآن وكيف أن هذا الرجل قد مرض لمجرد أن أعلنت قطع العلاقة بينكما، وكيف إذا لم يوافق أهلك على الزواج من هذا الرجل؟ ما مستقبل هذه العلاقة بينكما؟ لا شك أن الجواب معروف، فإما استمرار في طريق الخطأ، وإما حسم للأمر بقطع العلاقة وهو الصواب، مع بقاء الآثار النفسية الناتجة عن هذا التعلق!
هل اقتنعت الآن بعدم جدوى مثل هذه الأساليب في التعارف؟ والسعيد من وعظ بغيره، لا أن يكون هو نفسه عبرة لغيره.
وكما لا يخفى عليك أن تجربتك السابقة في الزواج، لم تكن على الأصول الشرعية الصحيحة التي جاء بها الإسلام
إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ولا شك أن ولي الأمر يتحمل جزءا كبيرا في هذه الزيجة الفاشلة، كما تتحملين أنت أيضا، حيث ينبغي أن تبدي اعتراضك على هذا الزواج، على أساس أنه لا يستند إلى الأصل الشرعي: الدين والخلق، حتى يكون موقفك مبررا لدى أسرتك على هذا الأساس.
واما موضوع الاستخارة، فإنها تشرع عند نزول أمر تحتاجين إلى الاستخارة فيه، كتقدم خاطب أو أمر من الأمور الأخرى، وأما أمر الدعاء فهذا بابه واسع، فيشرع لك أن تدعي بما تشائين، وأن ييسر الله لك الزوج الصالح، والحياة الطيبة.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه.
وفقك الله لما يحب ويرضى، ورزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.